يقدّم مهرجان “بيت حائل” تجربة ثقافية وسياحية متكاملة، تعكس عمق الهُوية التراثية للمنطقة، وتُبرز تاريخها الحي المتجذر في تفاصيل الحِرَف اليدوية والفنون الشعبية والبيئة البدوية التي ميزت المجتمع الحائلي على مدى قرون.
ويمثل المهرجان محطة سنوية بارزة لعشاق التراث والباحثين عن الأصالة، إذ يحتضن بين أركانه باقة واسعة من الحِرَف التقليدية التي توارثتها الأجيال، مثل السدو، وصناعة الفخار، والخوصيات، والنسيج، والتي تُعرض بشكل حي وتفاعلي على يد حرفيين من أبناء المنطقة، في مشهد يعيد إحياء تفاصيل الحياة القديمة ويقدمها للزوار في قالبٍ تعليمي وتجريبي.
ولا يقتصر المهرجان على عرض الحرف، بل يُعد منصة لإبراز الممارسات اليومية التي شكّلت نمط الحياة الحائلية في الماضي، من تصميم البيوت، وأسلوب الضيافة، إلى إعداد الأطعمة الشعبية، وتنظيم الأسواق التقليدية التي تعكس التبادل التجاري والاجتماعي في بيئة الصحراء والريف.
وأكدت د. سامية الجابري، أستاذة التاريخ الحديث بجامعة حائل، أن الحِرَف اليدوية تمثل جوهر الهوية الحائلية، وهي ليست مجرد أدوات إنتاج، بل تعبير بصري عن ثقافة المكان، وروح المرأة والرجل البدو في تفاعلهم مع بيئتهم. وتشير إلى أن التنوع في الحِرَف يعكس ثراء بيئيًا وثقافيًا فريدًا، بدءًا من أدوات الزراعة والرعي، وصولًا إلى أدوات الزينة والمجالس.
وتكتسب نسخة هذا العام بُعدًا إضافيًا بتزامنها مع إعلان عام 2025 عامًا للحِرَف اليدوية في المملكة، مما يمنح المهرجان أهمية استراتيجية في تسليط الضوء على الحرفيين المحليين، وتحويل تراثهم إلى فرصة اقتصادية وثقافية تدعم التنمية المحلية. وفق “أخبار 24”.
ويسهم “بيت حائل” في نقل التراث من حيز الذاكرة إلى الحاضر من خلال ورش العمل، والعروض التفاعلية، وسرد القصص الشفوية، لتوثيق ممارسات كادت أن تندثر، وجعلها جزءًا من تجربة الزوار، وخاصة الجيل الجديد الذي يكتشف من خلاله كيف عاش الأجداد، وكيف شكّلت تلك الحِرَف جزءًا من اقتصاد الأسرة وهويتها.
ويُعَدّ المهرجان شاهدًا حيًّا على قدرة الفعاليات التراثية على إعادة ربط الناس بجذورهم، وبناء جسور بين الماضي والمستقبل، من خلال توظيف أدوات العصر، مثل العروض البصرية، والتوثيق الرقمي، والتعليم التجريبي، لضمان استدامة هذا الإرث العريق.