أكد وزير البيئة والمياه والزراعة م. عبدالرحمن الفضلي، أن المملكة تتبوأ الريادة العالمية في مجال إنتاج المياه المحلاة، كونها أكبر منتج للمياه في العالم، بطاقة تتجاوز 16 مليون متر مكعب يوميًا، موضحًا أنه من خلال تسخير البحث والابتكار وبناء القدرات الهندسية، تم خفض استهلاك الطاقة بنحو 50%، وخفض التكلفة إلى أدنى مستوى عالميًا.
وأضاف “الفضلي”، خلال مشاركته في “حوار روما حول المياه” ضمن المنتدى العالمي للأغذية الذي تنظمه منظمة الأغذية والزراعة للأمم المتحدة “الفاو” في روما، تزامنًا مع الاحتفال بالذكرى الـ 80 لتأسيس المنظمة، أن المملكة أصبحت بيئةً حاضنةً للبحث والابتكار، تستند إلى الأدلة العلمية في صياغة سياساتها القطاعية، وتستثمر في المعرفة والتقنية لتحقيق الاستدامة، وتستهدف خفض تكلفة إنتاج المياه بنسبة 50%، وخفض استهلاك المياه الجوفية غير المتجددة بنسبة 90% بحلول عام 2035، منوهًا بالبنى التحتية التي تمكن المملكة من نقل المياه لمسافات تتجاوز 19 ألف كيلومتر، وارتفاعات تصل إلى ثلاثة آلاف متر، وتغطي شبكات المياه أكثر من 82% من المناطق السكانية في المملكة.
وأشار إلى فرص المملكة الواعدة لتحقيق جدوى استخدام المياه قليلة الملوحة للأغراض الزراعية؛ بهدف تقليل الإجهاد على مصادر المياه غير المتجددة، والاستخدام الأمثل للمياه وتعزيز الاستدامة من خلال تطبيق نهج الإدارة المتكاملة للموارد المائية، مؤكدًا أن المملكة ماضية في إطلاق مبادراتها الدولية من خلال المنظمة العالمية للمياه، التي تهدف إلى توحيد الجهود الدولية، وتعزيز التعاون لإيجاد حلول مستدامة لتحديات المياه، ومواجهة تزايد الإجهاد المائي عالميًا. وفق “أخبار 24”.
وأوضح أن المملكة تسعى لإيجاد حلول تمويلية، وتبادل الخبرات في السياسات والإدارة المتكاملة، وتفعيل الروابط بين مختلف القطاعات، مثل: البيئة، والزراعة، والطاقة، والصحة؛ بما يسهم في خلق بيئة ممكنة لإدارة فاعلة للمياه، مع التركيز على إشراك القطاع الخاص، مشيرًا إلى أنه تم إبرام 25 عقدًا بمشاركة القطاع الخاص لعدد من المشاريع بحجم استثمارات تتجاوز 104 مليارات ريال، منها مشاريع إنتاج المياه المحلاة، والنقل، وإعادة الاستخدام.
ولفت إلى إطلاق برنامج استمطار السحب، الذي يستفيد من عدة تقنيات وطائرات تقودها كوادر وطنية، حيث أجريت 711 طلعة جوية، أثمرت زيادة ملحوظة في الهاطل المطري تقدر بـ 6.4 مليار متر مكعب، وأسهمت في تعزيز مصادر المياه، مشيرًا إلى أن ذلك يمثّل جزءًا من المبادرات التي تتخذها المملكة لتحقيق الأمن الغذائي واستدامة مصادر المياه.
كما أكد وزير البيئة والمياه والزراعة أن رؤية السعودية 2030، أحدثت نقلة نوعية في قطاع المياه في المملكة، تمثلت في إقرار الاستراتيجية الوطنية للمياه، التي تُعد نموذجًا للإدارة المتكاملة لموارد المياه، بما يتماشى مع الظروف الطبيعية والقطاعية للمملكة، وشملت الاستراتيجية عشرة برامج، منها إعادة هيكلة القطاع بالكامل، وأخذت في الاعتبار ترابط المياه والغذاء، وأهمية استدامة مصادر المياه لقطاع زراعي مستدام.
وذكر أن هذه الاستراتيجية شملت نظام المياه ولوائحه التنفيذية، والبحث والابتكار، والإدارة المتكاملة لموارد المياه، مما رفع مؤشر الإدارة المتكاملة للموارد المائية في مؤشرات المستهدف السادس من أهداف التنمية المستدامة للمملكة من 57% إلى 83% وهو ما يمثل أحد أسرع معدلات التقدم في العالم، ونتيجة لذلك اختارت لجنة الأمم المتحدة للمياه المملكة كونها أحد النماذج العالمية في تحقيق الهدف السادس من أهداف التنمية المستدامة.
وبين “الفضلي” أن الاستراتيجية للمياه أسهمت في خفض المعدل السنوي لاستخدام مصادر المياه غير المتجددة في الزراعة بمقدار 8 مليارات متر مكعب، مقارنة بخط الأساس عند إطلاق الاستراتيجية، وبلغت الزيادة في استخدام المياه المتجددة أكثر من مليار متر مكعب سنويًا من خلال مبادرات لحصاد مياه الأمطار، موضحًا أن الناتج المحلي الإجمالي من الزراعة في المملكة شهد نموًا ملحوظًا خلال الفترة من (2020 – 2024)، حيث ارتفع من 85.1 مليار ريال في 2020م إلى نحو 117.9 مليار ريال في 2024م، مسجلًا نموًا سنويًا مركبًا بنحو 8.5%.
كما نوهب بارتباط هذا القطاع بوفرة المياه، وبناء على ذلك تم العمل على إدارة المياه في المملكة بما يحقق الاستدامة المتوازنة بين الإنتاج الغذائي والاستدامة المائية، لتحقيق التوازن بين العرض والطلب، وزيادة العائد من الاستخدام الزراعي للمياه على الأمن الغذائي محليًا، ودعم الدراسات التفصيلية للطبقات الجوفية الحاملة للمياه، والمياه السطحية، والسياسات المُرشّدة للري، التي شملت تنظيم زراعة الأعلاف والقمح، والتوجه نحو نُظم الري المُرشّد.
واستعرض جهود المملكة في تطوير قطاع المياه عالميًا، إذ أكد “الفضلي” أن الرياض ستستضيف النسخة الحادية عشرة للمنتدى العالمي للمياه تحت شعار “العمل لغدٍ أفضل” في 2027م؛ بالتعاون مع المجلس العالمي للمياه، لتتكامل مخرجاته مع مخرجات مؤتمري الأمم المتحدة للمياه (2026 و2028)، كما نوه بإطلاق الحوار حول المياه في مجموعة العشرين عام 2020م، إبان رئاستها المجموعة، كما تم إطلاق المركز العالمي لأبحاث المياه خلال انعقاد مؤتمر الأطراف السادس عشر (COP16) في الرياض العام الماضي، ليكون منصة عالمية رائدة في الأبحاث التطبيقية في مجالات المياه.