Table of Contents
يُعدّ مرض السكري أحد أكثر الأمراض المزمنة انتشارًا في العالم، وينتج عن اضطراب في قدرة الجسم على إنتاج الأنسولين أو الاستفادة منه بشكل صحيح، مما يؤدي إلى ارتفاع مستوى الجلوكوز في الدم.
وأصبحت السيطرة على هذا الارتفاع ضرورة صحية ملحّة؛ نظرًا لما يترتب عليه من مضاعفات خطيرة تؤثر في القلب والكلى والأعصاب والعينين، لذا فإن إدارة مستوى السكر في الدم ليست مجرد علاج دوائي، بل هي أسلوب حياة متكامل يهدف إلى تحقيق توازن دقيق بين النظام الغذائي والنشاط البدني والعلاج الطبي والمتابعة المستمرة.
طرق واستراتيجيات التحكم بالمرض
ويؤكد الأطباء أن التحكم الفعّال في مستوى السكر لا يعتمد على عنصر واحد فقط، بل على منظومة متكاملة من الممارسات اليومية والقرارات الواعية التي يتخذها المريض بالتعاون مع الفريق الطبي، وتشمل هذه المنظومة تغييرات في نمط الحياة، والالتزام بالعلاج الدوائي، والمراقبة الذاتية المنتظمة، إلى جانب المتابعة الدورية لتقييم الحالة وضبطها.وفق “أخبار 24”.
وأظهرت المراجعات العلمية أن برامج التثقيف الصحي والتوجيه الفردي تساعد على رفع مستوى المعرفة والالتزام، مما يؤدي إلى تحسّن ملموس في مؤشرات ضبط السكر مثل HbA1c، كما بيّنت الأبحاث أن المراقبة الذاتية المنتظمة لمستوى الجلوكوز، سواء عبر الأجهزة المنزلية أو المنصات الرقمية الصحية، تمكّن المرضى من فهم تأثير العادات اليومية كالغذاء والنشاط البدني والدواء على حالتهم، وتدفعهم لاتخاذ قرارات علاجية أكثر وعيًا وفاعلية.
كما تؤكد الأدلة أن المتابعة الطبية المنتظمة والتعاون بين أعضاء الفريق العلاجي تسهم بشكلٍ كبير في تحسين نتائج التحكم في السكر وتقليل المضاعفات؛ حيث تشير التحليلات إلى أن التدخّلات المتعددة التي تشمل تعديل نمط الحياة مع العلاج الدوائي والمراقبة الدورية تحقق نتائج أفضل بكثير من الاعتماد على أي عنصر منفرد، وبذلك، يتضح أن النجاح في إدارة مرض السكري يعتمد على منظومة شاملة تتكامل فيها المعرفة والممارسة والالتزام، ضمن إطارٍ من الدعم الطبي المستمر والمتابعة الدقيقة للحالة الصحية.
تغييرات نمط الحياة
وتمثّل التعديلات في نمط الحياة الخطوة الأولى والأكثر تأثيرًا في السيطرة على مستوى السكر في الدم، وتشمل اعتماد نظام غذائي متوازن يعتمد على تقليل السكريات البسيطة والدهون المشبعة، وزيادة تناول الألياف والخضراوات والحبوب الكاملة، ويُنصح المريض بتوزيع الوجبات على مدار اليوم للحفاظ على استقرار مستوى الجلوكوز في الدم.
كما يُعد النشاط البدني المنتظم عنصرًا أساسيًا في هذه الاستراتيجية؛ إذ تُسهم التمارين الرياضية في تحسين حساسية الجسم للأنسولين وحرق السعرات الزائدة، مما يساعد على ضبط الوزن وخفض مستويات السكر، وينبغي اختيار الأنشطة المناسبة للحالة الصحية مثل المشي أو السباحة أو ركوب الدراجة.
إلى جانب ذلك، تُعد إدارة التوتر والنوم الكافي من العوامل المهمة في تحسين استجابة الجسم للأنسولين؛ إذ أظهرت الدراسات أن التوتر المزمن وقلة النوم قد يؤديان إلى ارتفاع مستويات السكر في الدم، مما يجعل العناية بالصحة النفسية جزءًا لا يتجزأ من العلاج.
الأدوية والعلاجات الطبية
وتُستخدم الأدوية لضبط مستوى السكر في الدم عندما لا تكفي تغييرات نمط الحياة وحدها لتحقيق السيطرة المطلوبة، وتشمل أنواعًا فموية تعمل على خفض إنتاج الجلوكوز في الكبد أو تحسين استجابة الخلايا للأنسولين، إلى جانب حقن الأنسولين التي تُعوض نقص إفرازه في الجسم، حيث يختار الطبيب نوع العلاج وجرعته بناءً على حالة المريض ونوع السكري الذي يعانيه.
وتطورت العلاجات الحديثة لتشمل أدوية تجمع بين أكثر من آلية عمل، ما يمنح المريض نتائج أفضل مع تقليل الآثار الجانبية، كما ظهرت تقنيات جديدة مثل مضخات الأنسولين وأجهزة الحقن الذكية التي تتيح ضبط الجرعات بدقة وتقلل من التقلبات المفاجئة في مستوى السكر.
ويظل الالتزام الدقيق بتعليمات الطبيب والمواظبة على تناول الدواء في مواعيده المحددة شرطًا أساسيًا لتحقيق فاعلية العلاج، إلى جانب مراقبة أي أعراض جانبية أو تفاعلات دوائية قد تتطلب تعديل الخطة العلاجية.
المراقبة الذاتية لمستوى السكر
فيما تُعد المراقبة الذاتية من أهم أدوات التقييم الذاتي لحالة المريض اليومية، إذ تساعده على معرفة مدى استجابة جسمه للطعام والدواء والنشاط البدني، ويتم ذلك باستخدام أجهزة قياس الجلوكوز المنزلية أو أجهزة الاستشعار المستمرة التي توفر قراءة لحظية ودقيقة.
وتُسهم هذه المراقبة في كشف الارتفاعات أو الانخفاضات المفاجئة في مستوى السكر، ما يمكّن المريض من اتخاذ الإجراءات التصحيحية السريعة مثل تناول وجبة خفيفة أو تعديل جرعة الأنسولين، كما تسمح بتحديد الأنماط المتكررة التي تساعد الطبيب في تحسين الخطة العلاجية.
من جهة أخرى، تُعزّز المراقبة الذاتية شعور المريض بالتحكم والسيطرة على حالته، وتشجّعه على الالتزام بالنظام الصحي، خاصة عندما يلاحظ التحسن الملموس في القراءات كنتيجة مباشرة لجهوده اليومية.
المتابعة الطبية المنتظمة
وتُشكّل الزيارات الدورية للطبيب جزءًا لا يمكن الاستغناء عنه في إدارة مرض السكري؛ إذ تتيح تقييم فاعلية العلاج وضبط الأدوية عند الحاجة، وتشمل المتابعة فحوصات شاملة لمستوى السكر التراكمي ووظائف الكلى والكبد والفحص الدوري للعين والأعصاب.
ويساعد التواصل المنتظم مع الفريق الطبي في اكتشاف المضاعفات مبكرًا قبل تفاقمها، كما يتيح تقديم الإرشادات الحديثة المتعلقة بالتغذية أو الأنشطة البدنية المناسبة لكل حالة.
كما تمثل المتابعة الطبية فرصة لدعم المريض نفسيًا وتثقيفه حول أحدث التقنيات العلاجية، مما يعزز التزامه بالخطة العلاجية ويزيد من فرص تحقيق توازن مستدام في مستويات السكر على المدى الطويل.