طالب الباحث السعودي سالم البهدل، بتوحيد الجهود الدولية لوضع إطار موحّد لاستخدام تطبيقات الذكاء الاصطناعي، وكذلك وضع لوائح ومذكرات تفاهم مع منتجيها ومطوريها لبيان العلاقة بين المالك داخل المملكة والمصنّع خارجها.
وأكد “البهدل”، في أطروحته المقدمة لاستكمال متطلبات الحصول على درجة الدكتوراه في الأنظمة “المسؤولية الجزائية عن مخالفات الذكاء الاصطناعي”، أهمية تحديد مواصفات ومقاييس محدّدة لشروط الأمان، بالإضافة إلى التأمين لضمان الوفاء بتعويض المتضررين.
وأضاف أنّ مكافحة الجرائم الناجمة عن الاستعانة بأدوات وتطبيقات الذكاء الاصطناعي جديرة بوضع إطار دولي على غرار اتفاقية بودابست لمكافحة الجرائم المعلوماتية التي وقعتها الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي عام 2001 في إطار تعزيز التعاون فيما بينها لتبنّي سياسة جنائية مشتركة تجاه الجرائم المعلوماتية. وفق “أخبار 24”.
وأشار إلى أن المراد بالمسؤولية الجزائية ترتّب العقوبة على الشخص ذي الأهلية إذا مارس فعلاً يتضمّن التعدّي في استخدام أدوات الذكاء الاصطناعي ويؤدّي هذا الاستخدام إلى اقتراف ما من شأنه إحداث الضرر أو الإساءة أو أيٍ مما يترتب عليه مسؤولية جزائية ونحوها.
ونظرًا لانتشار استخدام تطبيقات الذكاء الاصطناعي خلال السنوات الخمس الأخيرة، وعدم تناول ذلك من حيث تبعاته النظامية في المملكة، قسّم الباحث درجات استخدام الذكاء الاصطناعي إلى أربع درجات؛ تبدأ بالآلات التفاعلية وتنتهي بالوعي الذاتي، جاعلاً الروبوتات والطائرات المسيّرة الموجّهة والمركبات ذاتية القيادة جزءًا من تطبيقات الذكاء الاصطناعي، مشددًا على أنّ العقوبة في حال صدر الفعل المخالف يُشترط أن يقع الفعل من شخص مختار لما يفعل ومدرك له.
وفي سياق عرضه الجدل العلمي بشأن تكييف المسؤولية الجزائية للذكاء الاصطناعي، نوه الباحث بالآراء القانونية والفقهية وأدلّتها وناقشها نقاشًا علميًا.
وخلُص من خلال النقاش إلى أنّ تطبيقات الذكاء الاصطناعي لا يمكن منحها الشخصية القانونية المستقلة عند وقوع المخالفة بدون إرادة المستخدم وتوجيهه قياسًا على الجمادات والحيوانات، وذلك ما لم تستقلّ وتكون خارج السيطرة الإرادة الإنسانية وحينها يُمكن منحها الشخصية القانونية مع تحمّل صانعها ومطوّرها أو مبرمجها جانبًا من المسؤولية الجزائية.
وتضع الأطروحة تصوّرًا يساعد على التكييف القانوني للقضايا التي يُستخدم فيها الذكاء الاصطناعي عند اقتراف المخالفات، بمختلف مستوياتها ومآلاتها، لتساعد القانونيين، من المشرّعين والقضاة والمحامين والباحثين، ولتكون نواة لتراكم علمي يُسهم في التأصيل للمسؤولية الناجمة عن هذه المخالفات.
من جانبها، أشادت لجنة المناقشة المكونة من الأستاذ الدكتور عبدالله الغيث (مقررًا)، والأستاذ الدكتور عبدالله الغملاس (عضوًا) إلى جانب الأستاذ الدكتور أسعد محمد، بأصالة البحث ومواكبته للمستجدات التقنية، مؤكدة أهمية موضوعه في ظل التوسع العالمي في استخدام الذكاء الاصطناعي وما يرتبط به من مخاطر قانونية وأخلاقية.
وأثنى الدكتور أسعد بثراء الأطروحة واستيعابها، وبما حوته من نقولات متعددة للقوانين والسوابق القضائية في دول العالم التي نظرت محاكمها في قضايا الذكاء الاصطناعي.
من جانبه، أعرب الباحث “البهدل” عن شكره للمعهد العالي للقضاء بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية وللمشرفين على الدعم العلمي، معرّجًا على التحديات التي صاحبت كتابة الأطروحة وعلى رأسها حداثة الموضوع وندرة الأبحاث العربية في الموضوع، إضافةً إلى ندرة السوابق القضائية والحالات.
ولفت في الوقت ذاته إلى أنّ كثيرًا من الأطروحات السعودية لا تزال قيد البحث ولم تناقش بعد، وتوجّه بالشكر للمناقشين، كما وعد بطبع رسالته قريبًا ونشرها من خلال إحدى دور النشر السعودية.