يمتدّ في وسط نجد بمسافات تتجاوز 800 كيلو متر، ويشار إليه بأنه أحد أهم المعالم الجغرافية في المملكة والجزيرة العربية.. إنه “جبل طويق” شاهق الارتفاع، الذي ارتبطت به همة الإنسان السعودي، ويمكن رؤيته من الفضاء الخارجي، وله قمم حادة تُعبّر عن القوة، والشموخ والثبات.
يبدأ “جبل طويق” من رمال نفود الثويرات شمال محافظة الزلفي ويذهب مجنبًا حتى يندفن طرفه في الربع الخالي جنوبًا؛ أي بما تقدر مسافته بألف كيلو متر، وفيه وحوله خضراء اليمامة من نخيل وزروع ومدن وقرى وتسيل منه عشرات الأودية الكبار “وامتداده على شكل قوس أو “طوق” لأنه يطوّق ويحيط بمنطقة واسعة.
وتنحدر السفوح الشرقية لجبل طويق بشكل تدريجي، بخلاف الجانب الغربي الذي ينقطع بشكل مفاجئ، وتنحدر على جانبه الشرقي عدة أودية أشهرها وادي حنيفة، الذي تقع على ضفافه مدينة الرياض، كما تتخللها بشكل كامل من الغرب إلى الشرق أودية مهمة مثل: العتش، ولحاء، والأوسط، ونساح، وبرك، والسليل، والفاو، وهو آخرها جنوبًا، وحدد معالمها وروافدها الهجري والهمداني والبكري والأصفهاني والحموي والبليهد والجاسر وابن خميس.وفق “أخبار 24”.
وتركّزت معظم حواضر منطقة جنوب ووسط نجد تاريخيًا حول “جبل طويق” وعلى الأودية المنحدرة على جوانبه منذ العصر الجاهلي، ويسمى الجبل تاريخيًا بـ “جبل العارض”، أو “عارض اليمامة”، وظل هذا الاسم القديم معروفًا حتى العصور الحديثة، وعليه سميت بلاد العارض التي تشمل الرياض ومحافظاتها المحيطة بها مثل: ضرما والمزاحمية والدرعية والعيينة والجبيلة وسدوس وغيرها لوقوعها عليه، كما يشكل جبل طويق حاجزًا بين قرى سدير من الشرق وقرى الوشم من الغرب، ويحتل وادي البطين الجزء الغربي من سلسلة طويق الشامخة.
ومن أبلغ الوصف لهذا الجبل الأشم هو قول الشاعر الجاهلي عمرو بن كلثوم: فأعرضت اليمامة واشمخرت، كأسياف بأيدي مصلتينا، وتابعه في العصر الحديث شاعر ومؤرخ اليمامة الشيخ عبدالله بن خميس في قوله: يا جاثمًا بالكبرياء تسربلا، هلّا ابتغيت مدى الزمان تحوّلًا، شاب الغراب وأنت جلد يافعًا، ما زعزعت منك الحوادث كاهلًا.
ومنهم من سماه العارض كما أسلفنا لاعتراضه كقول الشاعر: وأكاد من شغفي بما أنشدته أطوي إليك تهامة والعارضا، وآخرون قالوا عنه “طويق”، فهو جبل (اليمامة والعارض وطويق)، يقول أحدهم: ولو أن قلب طويق باح بسره، لم يَعْدُ ما هو شَفَّ عنه مجلجلًا.
ومن خشوم طويق الشامخة وأطواله الممتدة ومناكبه العملاقة، استشف ولي العهد رئيس مجل الوزراء الأمير محمد بن سلمان، مقولته الشهيرة: “همة السعوديين مثل جبل طويق”، وهي أبلغ وصف محفز لرفع المعنويات وشحذ همم الشباب، وأجيال المستقبل في الوقت الحديث، لاستلهام القوة من المحيط الجغرافي للإنسان، وربطه بجذوره التاريخية التي يعتز بها.
شهرة اسم “طويق” جعلته يعيش في وجدان كل مواطن سعودي، فهو ليس صخورًا متراكمة، بل ذاكرة وطن تختزن معارك التوحيد، وهمسات القوافل التجارية، وأنفاس الرُّواد الذين حوّلوا الصحراء إلى ملحمة، وقد استلهم فأطلق على القصر الذي تملكه الهيئة الملكية لتطوير مدينة الرياض، ويعد من أبرز الأماكن التي تقام فيها الندوات والمعارض الفنية والثقافية وحفلات الاستقبال الرسمية في العاصمة.
كما يطلق اسم طويق على حي كبير من أحياء غرب مدينة الرياض، وعلى اسم النادي الرياضي الأبرز في محافظة الزلفي ومجلته الرائدة: “صدى طويق”، وسميت به شوارع رئيسة وفرعية في الرياض بحي الصحافة والقادسية، ومدن الظهران والمجمعة وعين ابن فهيد بمحافظة الأسياح وغيرها من مناطق المملكة.
ومن أكبر مشاريع الوطن الواعدة ضمن مستهدفات رؤية المملكة 2030، مشروع مدينة “القديّة”، وهو أول مشاريع شركة القديّة للاستثمار القائمة على الترفيه والرياضة والثقافة، ويتربع المشروع على منتصف سلسلة “جبال طويق”، ويبعد عن العاصمة الرياض قرابة 45 كيلو مترًا.