تشير الإحصاءات إلى أنّ مسألة الوزن الزائد أصبحت من القضايا الملحة على الصعيدين العالمي والمحلي؛ إذ بلغ معدل البدانة (مؤشر كتلة الجسم ≥ 30) نحو 13% من البالغين حول العالم عام 2016، فيما وصل عدد الأشخاص الذين يعانون من الوزن الزائد أو السمنة إلى نحو 39% من البالغين.
ومحلياً تُظهر دراسات حديثة أن نسبة البدانة تتراوح بين 20 % و39 % لدى البالغين، بينما يتجاوز معدل زيادة الوزن مع السمنة معاً نحو 68 %، ما يسلّط الضوء على الأهمية المتزايدة لاتّباع استراتيجيات فعّالة لخسارة الوزن وتحسين الصحة العامة، ومن بين هذه الاستراتيجيات تثار مسألة تناول أو تخطي وجبة الفطور كمدخل محتمل للتأثير في وزن الجسم.
تُشير مراجعات منهجية إلى أن تخطي وجبة الفطور قد يرتبط بزيادة في مخاطر الوزن الزائد والسمنة — على سبيل المثال، تحليل ميتا أظهر أن الأشخاص الذين يفتقدون الفطور 3 أيام أسبوعياً لديهم نسبة مخاطرة بزيادة الوزن تُقدَّر بـ 11% مقارنة بمن يتناولونه بانتظام.
مع ذلك، نتائج التجارب العشوائية محدودة وتُظهر تأثيراً ضئيلاً لتناول الفطور أو تخطيه على تغيّر الوزن أو كتلة الجسم بمرور الزمن، فلا يمكن الجزم بأن تناول الفطور بحد ذاته هو “مفتاح سحري” لخسارة الوزن، بل هو عامل من بين عوامل عدّة تشمل السعرات الحرارية اليومية، نوعية الغذاء، النشاط البدني، والنظام الغذائي العام.
تناول الفطور قريباً من موعد الاستيقاظ يمكن أن يتماشى مع إيقاع الساعة البيولوجية ويعزّز قدرة الجسم على استخدام الطاقة في وقت مبكر من اليوم، حيث ترى دراسات حديثة أن تناول الفطور بين حوالي 6:45 و7:30 صباحاً قد ساهم في خسارة وزن أكبر خلال 12 أسبوعاً من تناوله في وقت متأخر.
إلا أن الأمر ليس مطلقاً؛ فالتوقيت المناسب أيضاً يعتمد على موعد آخر وجبة (العشاء)، ونمط النوم، والفترات الصيامية المحتملة، ما يعني أن توقيت الفطور ليس العامل الوحيد الذي ينبغي النظر إليه عند التخطيط لخسارة الوزن.
تخطي الفطور قد يؤدي إلى تغييرات هرمونية تشمل ارتفاع الكورتيزول، وتغيّراً في هرمونات الشبع مثل الجريلين واللبتين، ما قد يزيد الشهية خلال بقية اليوم.
كما أن تفويت الفطور قد يُفضي إلى اختيارات غذائية أقل جودة لاحقاً – مثلاً تناول وجبات غنية بالسعرات أو عالية الدهون والسكريات، مما يعوق جهود خفض الوزن.
إذاً، تخطي الفطور قد لا يؤدي فوراً إلى وزن أقل، بل قد يُسهّل تعويض السعرات لاحقاً أو يقلّل من نوعية الغذاء، ما يضع تحديات أمام الأشخاص الذين يهدفون لخسارة الوزن.
تناول فطور متوازن يتضمن بروتيناً كافياً (بيض، لبن، بقوليات)، وأليافاً (حبوب كاملة، خضارا، فواكه) يمكن أن يعزز الشعور بالشبع ويقلّل تناول السعرات لاحقاً.
كما أن التحكم في حجم الوجبة وتوزيعها، وتجنب السكر المضاف والدهون المشبعة في الفطور، يُعدّ عاملاً مساعداً على تحسين فاعلية النظام الغذائي لخسارة الوزن، بالتالي، ليس المهم فقط “أكل الفطور أو لا”، بل تناول الفطور بنوعية جيدة وحجم مناسب.
تخطي الفطور بانتظام قد يُرتبط بزيادة مخاطر الإصابة بمتلازمة الأيض، والسُكري، وارتفاع ضغط الدم، كما أظهرت دراسة حديثة أن تخطي الفطور غير المنظم زاد من احتمال الإصابة بمتلازمة الأيض بـ10% في تحليل لـ 118 ألف شخص.
علاوة على ذلك، ربطت بعض الدراسات تخطي الفطور بتباطؤ في الأيض وخطر أعلى للإجهاد أو تغيّب الطاقة، ما قد يقلّل النشاط البدني، إحدى ركائز خسارة الوزن.
لذا، بينما قد يُستخدم التخلي عن الفطور كجزء من صيام مقصود ضمن نظام غذائي، فإن التخطي العشوائي والمستمر قد يكون ضاراً على المدى المتوسط أو الطويل.
في حين تشير بعض الدراسات الوبائية إلى أن تناول الفطور يرتبط بمؤشرات وزن أفضل، إلا أن التجارب العشوائية لا تؤكد تفوقاً واضحاً لتناول الفطور أو تخطيه لخسارة الوزن بحد ذاته.
وبناءً عليه، اختيار النموذج الأنسب قد يعتمد على تفضيلات الشخص، وظروفه اليومية، والهدف الغذائي، بدلاً من قاعدة ثابتة تنطبق على الجميع.
الأهم هو جعل السعرات الحرارية اليومية في عجز معتدل، وتحسين نوعية الغذاء، وتحفيز النشاط البدني، بغض النظر عما إذا تم تناول الفطور أو تم تفويته. وفق”أخبار 24″.
لا تسهم وجبة الفطور التي تحتوي على وافر من السكريات والخبز الأبيض، في الشعور بالشبع أو التحكم في السعرات خلال باقي اليوم، في المقابل، فطور غني بالبروتين، والحبوب الكاملة، والفواكه والخضار قد يُحسّن إدارة الوزن.
كما أن التوازن بين المكونات، والابتعاد عن الإفراط في الحلويات أو اللحوم المصنعة في الصباح، يمكن أن يجعل فكرة الفطور وسيلة فعّالة أكثر من كونها مجرد “وجبة” تؤكل لتصبح روتيناً دون فائدة.
ينصح الخبراء بالشروع بتناول الفطور ضمن ساعتين إلى 3 ساعات بعد الاستيقاظ، وتضمينه بروتيناً بحدّ لا يقل عن 20–30 غراماً إلى جانب الألياف، كما يُوصى بوضع خطة للسعرات اليومية والوجبات، وتجنّب التساهل في الوجبة الأولى باعتبارها “أكل مجاني”؛ لأن ذلك قد يؤدي إلى تناول زائد لاحقاً، ويجب على الذين يتبعون برنامج صيام متقطّع أو لديهم جدول زمني غير نمطي، استشارة مختص للتغذية لتنسيق توقيت الوجبات مع الأهداف، وضمان تلبية الاحتياجات الغذائية.
وختاماً ليس هناك قاعدة مطلقة تنصّ بأن “تناول الفطور وحده” يؤدي إلى خسارة الوزن، بل يتعيّن أن يُنظر إليه ضمن سياق كامل للنظام الغذائي اليومي، التوازن الغذائي، النشاط البدني، والنمط الحياتي، تناول فطور جيد النوعية وفي توقيت مناسب قد يكون إحدى الأدوات المساعدة في خفض الوزن، أما تخطيه فقد يكون خياراً ضمن بعض أنظمة الصيام المنظّمة، لكن لا ينبغي أن يُعتمد كحلّ منفرد أو عشوائي.
