اختتم معرض الرياض للكتاب 2025م، الذي تنظمه هيئة الأدب والنشر والترجمة، بعد عشرة أيام من الحراك الثقافي، نهل فيها روّاد المعرض من مشارب المعرفة والعلم، وفي أروقة المعرض الذي احتضن آلاف العناوين من مختلف الثقافات والمعارف، استعاد الزوار ذكرياتٍ خاصةً مع مؤلفاتٍ صنعت تحولًا عميقًا في حياتهم، ووجّهت مساراتهم، وسؤال واحد كان كفيلًا بإشعال الحكايات: أيّ كتاب غيّر حياتك؟
في البداية أشار أحمد الغامدي (24 عامًا)، طالب كلية الطب إلى كتابٍ مترجم بعنوان “رحلتي مع الطب” قائلًا: “قرأته في المرحلة الثانوية، وكان نقطة تحولٍ جعلتني أختار دراسة الطب، وكنت أفكر في تخصصاتٍ أخرى، لكن تجارب الكاتب الإنسانية رسّخت قناعتي بأن الطب رسالةٌ قبل أن يكون مهنة”، ويؤكد مبتسمًا: “لولا هذا الكتاب، لربما اخترت طريقًا مختلفًا تمامًا”.
وروت ريم التويجري (31 عامًا) قائلةً: “كنت أعاني من القلق والاكتئاب لفترةٍ طويلة، حتى قرأت كتابًا عن فن العيش ببساطة، أعادني إلى ذاتي، وعلّمني أن السعادة لا تأتي من الكمال، بل من تقبّل النقص”، وأضافت: “منذ ذلك الوقت بدأت أمارس الامتنان يوميًّا، فانقلبت حياتي رأسًا على عقب”.
المهندس سلمان الحربي (40 عامًا) تحدث عن رواية قرأها في شبابه عن شابٍ فقد وطنه بسبب الحرب: “كانت تجربةً مؤثرة جعلتني أقدّر قيمة الاستقرار الذي نعيشه هنا في المملكة، كنت أقرأ وأبكي، وأشعر بالامتنان لنعمة الأمن والوطن”.
وفي جناح الطفل، تحدثت ليان (13 عامًا) وهي تمسك بكتابٍ مصوّر عن الفضاء: “أول كتاب أثّر في حياتي كان عن الكواكب، منذ ذلك اليوم وأنا أحلم بأن أصبح رائدة فضاء”، وأكّدت والدتها أن شغف ابنتها تضاعف بعد هذا الكتاب، حيث باتت تطرح أسئلةً لا تنتهي عن الكون والحياة.
وكشف خالد الدوسري (38 عامًا) كيف قاده كتاب عن الاستثمار وتطوير الذات إلى تغييرٍ جذري، قائلًا: “كنت أعيش في دائرةٍ مغلقة من الروتين، حتى وقع في يدي كتاب الأب الغني والأب الفقير، لقد فتح عيني على عالم ريادة الأعمال وإدارة المال”، مضيفًا بحماس: “بعد أشهر من القراءة والتخطيط، استقلت من وظيفتي كمحاسب، وبدأت مشروعي الصغير في التجارة الإلكترونية، واليوم أشعر بالحياة لأول مرة”.
ووقفت نورة العبدالله (55 عامًا) أمام جناح كتب علم النفس والأسرة، وقالت بصوتٍ هادئ: “علاقتي بابنتي المراهقة كانت متوترةً جدًّا، ولم أكن أفهم عالمها، نصحتني صديقةٌ بكتابٍ عن لغات الحب الخمس، عندما قرأته، أدركت أنني كنت أعبّر عن حبي بطريقةٍ لا تصل إليها”، وتتابع: “بدأت أطبّق ما تعلمته، وتغيرت علاقتنا تمامًا، هذا الكتاب لم يغيرني فقط، بل أنقذ علاقتي بابنتي”.
ولفت نواف العتيبي (35 عامًا) إلى أنّ الكتاب أحيانًا لا يغيّر حياة قارئه فقط، بل يمتد أثره للآخرين، الأمر الذي أثر فيه وجعله يؤسس ناديًا للقراءة مع أصدقائه، واليوم يضم النادي أكثر من عضو يتشاركون شغف المطالعة.
وتناثرت في أرجاء المعرض شهاداتٌ رأى أصحابها أن الكتاب تجاوز فكرة أن يكون أوراقًا مطبوعةً ليفتح أبوابًا لحياةٍ جديدة، يغيّر الإنسان دينيًّا ومهنيًّا ونفسيًّا ووطنيًّا، وأحيانًا في طفولته المبكرة، وهو ما يتقاطع مع شعار المعرض لهذا العام: “الرياض تقرأ”، حيث تمتد تجربة الكتاب إلى استحضار قصصٍ ملهمة حول كيف أسهمت القراءة في إعادة تعريف الذات.



