ضمن فعاليات معرض الرياض الدولي للكتاب 2025، الذي تنظمه هيئة الأدب والنشر والترجمة في جامعة الأميرة نورة بنت عبدالرحمن خلال الفترة من 2 إلى 11 أكتوبر، أُقيمت ورشة عملٍ بعنوان “من الفكرة إلى المنصّة: رحلة فاصلة في صناعة الإعلام السينمائي”، قدّمها الناقد والسينمائي السعودي أحمد العيّاد، مؤسس ورئيس تحرير منصة “فاصلة”، وذلك ضمن برنامج “الماستر كلاس” المخصص لعرض التجارب الإبداعية المؤثرة في المشهد الثقافي السعودي والعربي.
وشهدت الورشة حضورًا نوعيًّا من المهتمين بالإعلام والنقد السينمائي وصناعة المحتوى، حيث تناول العيّاد تجربة “فاصلة” بوصفها نموذجًا سعوديًّا في الإعلام السينمائي نشأ من الشغف وتطور إلى مشروعٍ احترافي متكامل، استطاع أن يرسخ حضوره في المشهد الثقافي والإعلامي.
واستعرض العيّاد المراحل التي مرت بها المنصة منذ نشأتها فكرةً صغيرة تبحث عن فضاء للتعبير عن حُب السينما، حتى أصبحت اليوم منصةً سعودية رائدة تمزج بين التحليل والنقد والمحتوى السمعي والبصري، موضحًا أن الفكرة جاءت امتدادًا لتجارب إعلامية سابقة بدأت من الصفحات النقدية في الصحف، مرورًا بمنتدى “سينماك”، ثم تجربة “شباك التذاكر السعودي”، وصولًا إلى “سوليوود” التي أسهمت في إثراء المحتوى العربي المتعلق بالسينما.
وقال العيّاد إن “العمل في هذه المنصات منحه خبرةً أوضح حول ما يحتاجه المشهد السينمائي المحلي، مما دفعه إلى تأسيس مشروعٍ إعلامي يستند إلى أسسٍ مهنية واضحة”، مشيرًا إلى أن المنصة تطورت من مقالات نقدية إلى تغطيات ميدانية وبرامج بودكاست، حتى أصبحت اليوم هويةً إعلامية سعودية متكاملة.
كما تحدث عن أبرز التحديات التي واجهت المشروع في بداياته مثل محدودية التمويل وصعوبة بناء الثقة مع الجمهور، مؤكدًا أن “النجاح في الإعلام السينمائي يحتاج إلى تخطيطٍ دقيق، فالشغف وحده لا يكفي دون إصرار واستمرارية”، مضيفًا أن “الاستمرار هو سر النجاح الحقيقي لأي مشروعٍ إعلامي”.
وبيّن أن بناء هوية المنصة انطلق من سؤالٍ جوهري هو: “من هو جمهورنا؟”، موضحًا أن الإجابة على هذا السؤال ساعدت على صياغة استراتيجية تخاطب النقاد وصنّاع الأفلام والجمهور العام بلغةٍ تجمع بين العمق والبساطة.
وأوضح العيّاد أن محتوى “فاصلة” يقوم على خمس ركائز أساسية هي: الأخبار والتحليلات، اللقاءات والحوارات، المراجعات النقدية، البودكاست، والتغطيات الميدانية، مؤكدًا أن فريق العمل يسعى إلى تقديم محتوًى نوعي يتميز بهويةٍ بصرية معاصرة ولغةٍ نقدية قريبة من المتلقّي تسهم في إثراء النقاش حول صناعة السينما.
وتحدث عن العلاقة المتنامية بين الإعلام وصناعة السينما، مشيرًا إلى أن “الإعلام السينمائي اليوم لم يعد ناقلًا للحدث فقط، بل أصبح جزءًا من الصناعة نفسها، يسهم في تشكيل صورة الأفلام ويؤثر في ذائقة الجمهور وتوجهات المنتجين”، مؤكدًا أن المشهد السعودي يفتح آفاقًا واسعة أمام الإعلام المتخصص.
كما استعرض تجربة “فاصلة” في التعاون مع مهرجانات عالمية مثل برلين، لوكارنو، كانّ، ومهرجان البحر الأحمر، موضحًا أن هذه المشاركات رسخت حضور المنصة بوصفها ممثلًا للإعلام السينمائي السعودي في المحافل الدولية، وأسهمت في نقل صورة ناضجة عن الحراك السينمائي المحلي.
واختتم العيّاد حديثه بالتأكيد على أن “الإعلام السينمائي في المملكة يعيش مرحلة نضج وتطور سريع”، مشيرًا إلى أن الذكاء الاصطناعي غيّر أدوات العمل الإعلامي “لكنه لا يمكن أن يحل محل الحسّ الإنساني والرؤية النقدية التي تميز الصحافة المتخصصة”، مضيفًا أن “فاصلة ليست مجرد منصة، بل رحلة شغف وتعلّم ورسالةٌ تؤمن بأن كل فكرةٍ صغيرة يمكن أن تتحول إلى مشروع مؤثّر متى ما اقترنت بالشغف والعمل الجاد”.
يُذكر أن معرض الرياض الدولي للكتاب 2025 يقام تحت شعار “الرياض تقرأ”، المنبثق من حملة “السعودية تقرأ”، التي أطلقتها هيئة الأدب والنشر والترجمة بهدف تعزيز شغف القراءة والمعرفة لدى جميع فئات المجتمع، وتشجيع الثقافة والإبداع، وإتاحة الفرصة أمام القراء للتفاعل مع المبدعين والمؤلفين، بما يسهم في نشر الثقافة وإثراء المشهد الأدبي والفكري في المملكة.


