استعرض الأستاذ الدكتور حمد العنقري في ندوةٍ بعنوان “الوثائق ومسارات الدولة السعودية عبر العصور” أهمية الوثائق بوصفها مصدرًا رئيسًا لتوثيق تاريخ الدولة السعودية وتحولات مسيرتها منذ تأسيسها في الدرعية، مؤكدًا أنها تمثل مرآةً صادقة لحياة المجتمع، لكنها لا تختزل وحدها التاريخَ دون الاستعانة بالمصادر الشفوية والمخطوطات المتفرقة.
وأوضح العنقري أن مرحلة الدرعية تُعد من أكثر المراحل غموضًا من حيث التوثيق، إذ إن الوثائق المتوافرة عنها محدودةٌ جدًا وتركّز أغلبها على الجوانب السياسية، بينما ظلت الجوانب الاجتماعية والاقتصادية والثقافية أقل حضورًا، مُرجعًا ذلك إلى انشغال الناس بمعايشهم وضعف التعليم وغياب وسائل الحفظ، ما جعل الوثائق النجدية شبه منعدمة مقارنة بما وُجد في الحجاز.
وأشار إلى أن ما عُثر عليه من وثائق في تلك الحقبة اقتصر غالبًا على الوصايا والعهود والأوقاف، فيما بقيت الوثائق السياسية والاقتصادية نادرةً، مبينًا أن المراكز العلمية في المملكة مثل دارة الملك عبدالعزيز ومكتبة الملك فهد الوطنية وجامعة الملك سعود ومركز الملك فيصل للبحوث والدراسات الإسلامية، تحتفظ اليوم بمجموعاتٍ كبيرة من الوثائق التي توثق تطور الدولة السعودية عبر عصورها الثلاثة.
وتناول العنقري أثر الدولة السعودية الأولى في تنمية التعليم والثقافة، مشيرًا إلى أن الإمام عبدالعزيز بن محمد بن سعود كان يشجع طلاب الكتاتيب ويجزل العطاء لمن يُحسن الخط، ما أسهم في انتشار التعليم وازدهار تجارة الكتب والمخطوطات التي كانت تُجلب من الحجاز والشام ومصر واليمن.
وأكد أن دراسة الوثائق الوطنية تمثل جزءًا من بناء الوعي الوطني وتوثيق مسيرة الدولة بما ينسجم مع مستهدفات رؤية المملكة 2030 في تعزيز الهوية الوطنية والمعرفة التاريخية، داعيًا إلى تطوير مراكز الحفظ وتيسير وصول الباحثين إليها.
وأدار الندوة الأستاذ هيثم الماجد، بحضور عدد من الباحثين والمؤرخين، ضمن البرنامج الثقافي لمعرض الرياض الدولي للكتاب 2025، الذي تنظمه هيئة الأدب والنشر والترجمة في جامعة الأميرة نورة بنت عبدالرحمن حتى 11 أكتوبر الجاري.

