شهدت العاصمة البريطانية لندن الاجتماع الخامس لأعمال الجانب الاقتصادي والاجتماعي في مجلس الشراكة الاستراتيجي السعودي البريطاني، الذي يرأسه ولي العهد رئيس مجلس الوزراء الأمير محمد بن سلمان، ورئيس وزراء المملكة المتحدة كير ستارمر.
وتناول الاجتماع، الذي رأسه وزير التجارة د. ماجد القصبي، ونظيره البريطاني جوناثان رينولدز، الجهود التي حولت الخطط إلى إنجازات ملموسة، ترتكز على الابتكار، وتمكين القطاع الخاص، وتكامل الجهود الحكومية، بما يتماشى مع رؤية المملكة 2030 والاستراتيجية الصناعية البريطانية.
وتناول الوزيران مبادرة (GREAT FUTURES) التي أطلقت في الرياض العام الماضي، لتتوج جهودًا مشتركة تهدف إلى تعزيز التعاون الثنائي في 13 قطاعًا اقتصاديًا واعدًا، في خطوة تؤكد التزام البلدين بتحقيق مصالح مشتركة ونمو مستدام، مؤكدين التقدم الملموس الذي أحرزته أعمال المبادرة. وفق “أخبار 24”.
وأكد الجانبان اعتزازهما بالتقدم الملموس في مسارات التعاون منذ انطلاق المبادرة، وأعلن الجانبان عن شراكة استراتيجية سعودية بريطانية جديدة، مبنية على مواءمة الاستراتيجية الصناعية الحديثة للمملكة المتحدة ورؤية المملكة 2030.
وانطلقت هذه الشراكة خلال المؤتمر لضمان تحويل الخطط إلى إنجازات واقعية ملموسة، مع التركيز على خمسة مجالات استراتيجية، أولها الربط المالي، والذي يتمثل في خارطة طريق لتعزيز الترابط بين المراكز المالية للبلدين، بهدف توفير رأس مال النمو للاستثمار في القطاعات ذات الأولوية، ومواءمة السياسات في أسواق رأس المال، والتقنية المالية والتأمين والتقاعد، والتمويل المستدام، وتداول الكربون، وأكد الجانبان التزامهما بالتعاون لتعزيز جاذبية الأسواق الاستثمارية في البلدين.
ويتمثل المحور الثاني (علوم الحياة والتقنية الصحية) في تعزيز التعاون بين المملكة وبريطانيا في مجال علوم الحياة والتقنية الحيوية، وتوحيد الطموحات المشتركة للابتكار والنمو الاقتصادي والريادة الصحية العالمية، فيما يتصل الثالث بالنمو الصناعي، وهو ما يأتي إطار عمل مشترك لدفع التقدم الصناعي، وتقنيات الثورة الصناعية الرابعة، والمواد المركبة المتقدمة، والمواد المستدامة، وسلاسل توريد المعادن الحرجة.
ويركز المحور الرابع على المجالات الإبداعية، إذ يشمل التعاون الاستراتيجي لتعزيز التبادل الثقافي والإبداعي، وتعزيز الابتكار وتنمية المواهب، في ظل عزم المملكة العربية السعودية على استضافة عدد من الفعاليات الكبرى، مثل: إكسبو 2030 وكأس العالم 2034.
فيما يتمثل المحور الخامس في الابتكار في التعليم، من خلال التعاون لمواكبة المتغيرات التقنية في قطاع التعليم، مع التركيز على المهارات الرقمية وتقنيات الذكاء الاصطناعي في منهج الابتكار، والتعلُّم الرقمي، وتنمية المهارات المستقبلية.
وأثمرت الجهود المبذولة ضمن أعمال الجانب الاقتصادي والاجتماعي بتحويل الخطط إلى إنجازات واقعية ملموسة ذات أثر كبير.
وشملت الإنجازات: التجارة والاستثمار والخدمات المالية، إذ أشاد الجانبان بحجم التجارة بين البلدين الذي بلغ 16.1 مليار جنيه إسترليني، وأكدا الهدف المشترك للوصول إلى 30 مليار جنيه إسترليني بحلول عام 2030، كما شهدت مفاوضات اتفاقية التجارة الحرة بين المملكة المتحدة ودول مجلس التعاون الخليجي تقدمًا ملحوظًا، بواقع 8 جولات تفاوضية.
ورحب الجانبان بالاستثمارات السعودية الكبرى في المملكة المتحدة، وتأسيس المقار الإقليمية للشركات البريطانية في المملكة العربية السعودية، وأكدا التزامهما بمواصلة التعاون لجذب المزيد من الاستثمارات في القطاعات ذات الأولوية.
وفي مجال التعليم والابتكار والرعاية الصحية، أشاد الجانبان بترخيص 9 مدارس بريطانية في السعودية سعيًا لتحقيق مستهدف ترخيص 10 مدارس، وكذلك بالجهود القائمة لترخيص جامعتين بريطانيتين لافتتاح فروع لهما في المملكة، وبمخرجات فعالية مهارات المستقبل السعودية البريطانية، التي تُعَدّ جزءًا من مبادرة (GREAT FUTURES) التي أسفرت عن توقيع 7 اتفاقيات ومذكرات تفاهم في مجالات التعليم، والتدريب التقني والمهني، وتنمية المهارات، وإطلاق برامج تنفيذية مشتركة تسهم في سد فجوات المهارات المستقبلية.
وفي إطار التزام الجانبين بدفع مسار التحول في قطاع الرعاية الصحية، احتفى الجانبان بتأسيس أول كلية بريطانية دولية للتمريض في السعودية، وأكدا العمل لتفعيل مذكرة التفاهم بين الهيئة السعودية للبحث والتطوير والابتكار ووزارة العلوم والابتكار والتقنية في المملكة المتحدة لدعم مشاريع الابتكار والبحث المشتركة.
وحول مجال الطاقة والتعدين والنقل والبيئة، شهد الجانب الاقتصادي والاجتماعي إطلاق مشاريع رائدة في مجالات الطاقة النظيفة والهيدروجين، وفي قطاع التعدين وُقعت اتفاقية للتعاون في مجال تأمين إمدادات المعادن الحرجة وتبادل الخبرات في عمليات وتقنيات التعدين الحديثة، واتفق الجانبان على تشجيع الاستثمارات البريطانية في المملكة في قطاعات التعدين والكيماويات والتقنيات الحيوية.
وفي إطار تعزيز الجهود في قطاع النقل، اتفق الجانبان على تفعيل مذكرات التفاهم في مجالات النقل الجوي والسكك الحديدية ومستقبل التنقل، وعُزز التعاون في المجال البيئي من خلال توقيع مذكرات تفاهم لتنفيذ مشاريع مشتركة في مجالات حماية البيئة والأرصاد الجوية وتغير المناخ.
واتفق الجانبان في مجال الثقافة والرياضة والسياحة على أهمية تعزيز التعاون الثقافي في مختلف القطاعات الثقافية التي تندرج تحت مذكرة التفاهم الموقعة بين وزارة الثقافة في المملكة العربية السعودية، ووزارة الثقافة والإعلام والرياضة في المملكة المتحدة في المجال الثقافي، إلى جانب تنمية العمل المشترك بين المؤسسات والكيانات الثقافية، ودعم المشاركة في المحافل الثقافية والفنية الدولية التي تُقام في البلدين الصديقين.
وفي إطار الجهود المشتركة لتطوير قطاع السياحة نجح الجانبان في تنمية السياحة بين البلدين منذ إطلاق تأشيرات الزيارة الإلكترونية، حيث نمت أعداد السياح بين المملكة المتحدة والمملكة العربية السعودية بشكل كبير، ففي عام (2024م)، بلغ عدد الزيارات السياحية بين البلدين أكثر من (750) ألف زائر، مما يعكس الروابط القوية بين الشعبين.
وشهد الاجتماع إشادة بالشراكة القائمة بين وزارة الرياضة ممثلة بمعهد إعداد القادة مع الجامعات والمؤسسات الأكاديمية البريطانية، التي تهدف إلى تعزيز تنمية المجال الأكاديمي من خلال الأبحاث وبرامج التدريب والتطوير الرياضية المشتركة مثل تمكين المرأة في القطاع الرياضي.
وعمل الجانبان أيضًا على عددٍ من الشراكات الاستراتيجية، بهدف تطوير البنية التحتية والبرامج الرياضية، وتعزيز جاهزية المملكة لاستضافة الفعاليات الرياضية الكبرى، ونقل الخبرات البريطانية الرائدة في هذا المجال وشملت مجالات التعاون توقيع مذكرة تفاهم لتطوير قطاع الرياضات الإلكترونية بين اتحادي الرياضات الإلكترونية في البلدين.
وفي سياق متصل، عقد المؤتمر الختامي لأعمال مبادرة (GREAT FUTURES)، حيث أكد “القصبي” خلال افتتاح المؤتمر، الذي شارك في أعماله أكبر وفد تجاري سعودي ضم 195 قياديًا من قطاع الأعمال و33 مسؤولًا حكوميًا، وأكثر من 320 ممثلًا لكبرى الشركات البريطانية، ونحو 30 مسؤولًا حكوميًا بريطانيًا، أنّ الرؤية التي أطلقها ولي العهد أحدثت تحولات في الاقتصاد السعودي.
كما ثمّن جهود اللجنة التي تعمل على 80 مبادرة حاليًا لتحويل الخطط إلى إنجازات ملموسة، ترتكز على الابتكار، وتمكين قطاع الأعمال، وتكامل الجهود الحكومية، مشيرًا إلى أن البلدين يعملان على زيادة التبادل التجاري إلى 30 مليار جنيه إسترليني بحلول عام 2030، خاصةً أنّ بريطانيا واحدة من أكبر 10 شركاء تجاريين للمملكة بتبادل تجاوز الـ16 مليار جنيه إسترليني العام الماضي، في ظل وجود 1689 شركة بريطانية في المملكة، منها 75 شركة اختارت الرياض مركزًا إقليميًا لها.
وشملت أعمال المؤتمر 38 اتفاقية وإعلانًا بقيمة تجاوزت 20 مليار ريال، إلى جانب إقامة 5 ورش عمل تناولت تعزيز التعاون السعودي البريطاني في مجالات ذات أولوية، واستعراض قصص نجاح لعدد من الشركات في البلدين، وتنظيم معرض مصاحب، وإقامة عروض موسيقية فلكلورية تعكس ثقافة البلدين.