“الجيراني” قاضي القطيف الذي رفض الفتنة فاغتالته يد الإرهاب

بعد نحو 9 سنوات من اختطاف القاضي بدائرة الأوقاف والمواريث بمحافظة القطيف الشيخ محمد الجيراني، ثم قتله لاحقا على يد “إرهابيين”، نفذت وزارة الداخلية اليوم (الخميس) حكم القتل تعزيزا في المواطن جلال بن حسن بن عبدالكريم لباد، الذي انضمّ إلى تنظيم إرهابي خارجي، وقام مع مطلوبين أمنيًا باختطاف وقتل الجيراني.

القصاص من أحد قتلة الجيراني

وقالت وزارة الداخلية، إن التحقيقات أثبتت قيام “لباد” مع مطلوبين أمنيًا باختطاف وقتل القاضي الجيراني، وإطلاق النار وإلقاء القنابل على رجال الأمن بهدف قتلهم، وبإحالته للمحكمة المختصة صدر بحقه حُكم يقضي بثبوت ما نُسب إليه وقتله تعزيرًا، وأصبح الحُكم نهائيًا بعد استئنافه ثم تأييده من المحكمة العُليا، وصدر أمر ملكي بإنفاذ ما تقرر شرعًا.

وتعود تفاصيل الواقعة إلى ديسمبر عام 2016، عندما تم الإبلاغ عن اختطاف القاضي الجيراني من أمام منزله ببلدة تاروت التابعة لمحافظة العوامية، حيث تحركت الأجهزة الأمنية على الفور لملاحقة المتورطين والقبض عليهم وكشف ملابسات الحادث. وفق “أخبار 24”.

ملابسات اختطاف وقتل الجيراني

وفي ديسمبر 2017، كشفت وزارة الداخلية هوية المتورطين في جريمة اختطاف وقتل القاضي الجيراني، إذ أوضح المتحدث الأمني للوزارة آنذاك، تورط المواطن زكي محمد سلمان الفرج الذي تم إلقاء القبض عليه، وأخيه المطلوب سلمان بن علي الفرج الذي قُتل، بالإضافة إلى المطلوبين محمد حسين علي آل عمار، وميثم علي محمد القديحي، وعلي بلال سعود الحمد، الذين وضعت وزارة الداخلية مكافآت تصل لمليون ريال للإدلاء بمعلومات تقود للقبض على أيٍّ منهم.

ووفق المتحدث، قام سلمان الفرج بمقاومة رجال الأمن عند تطويق منزله وإطلاقه النار تجاههم ما أدى إلى استشهاد الرقيب خالد محمد الصامطي، فاقتضى الموقف حينها الرد عليه بالمثل لتحييد خطره ونجم عن ذلك مقتله.

وأوضح أن المقبوض عليه زكي سلمان الفرج تورط في شرعنة جريمة الاختطاف حيث يتمثل دوره في منح الشرعية للعمليات الإرهابية بالقطيف ونشر الأيديولوجيا المتطرفة، فيما تورط أخوه المقتول سلمان الفرج في مدّ منفذي العملية بالمعلومات والدعم.

وبحسب ما صرح به المتحدث آنذاك، فإن معلومات توفرت للجهات الأمنية المعنية أكدت إقدام المتورطين في اختطاف الشيخ الجيراني على قتله وإخفاء جثته في منطقة مزارع مهجورة تسمى “الصالحية”، وعليه فقد تواصلت عمليات البحث بعدد من المزارع المهجورة وتم تحديد المكان الذي دُفنت فيه الجثة.

وأضاف أن الجهات المختصة قامت باستخراج الجثة وهي بحالة متحللة، وأكدت الفحوص الطبية والمعملية للجثة والحمض النووي “DNA” أنها تعود للشيخ الجيراني، كما تبين إصابته بطلق ناري تعرض له في منطقة الصدر، مبينا أن التحقيقات الأولية كشفت أن المجرمين بعد أن اختطفوا القاضي إلى تلك المنطقة قاموا بالتنكيل به، ثم حفروا حفرة ووضعوه بداخلها، ثم قاموا بإطلاق النار عليه ودفنوا جثته فيها.

إدانات واسعة لقتل القاضي الجيراني

وواجهت القضية وملابساتها إدانات واسعة آنذاك، حيث نددت الأمانة العامة لهيئة كبار العلماء بما أقدم عليه الإرهابيون بحق الجيراني، وشددت في بيان لها على أنها جريمة مدانة بأشد العبارات، وتكشف عن خطر هؤلاء الإرهابيين وشناعة إجرامهم، ويد العدالة والأمن بإذن الله ستطالهم وتوقع الحكم الشرعي بهم الذي يستأصل شرهم.

كما شاركت 124 شخصية دينية واجتماعية من محافظة القطيف، في إدانة قتل الجيراني، وأكدت تلك الشخصيات في بيان لها استنكارها الشديد لهذه الجريمة المروّعة التي قامت خلالها عصابة إرهابية بقتل قاضي القطيف.

مواقف مشرفة للجيراني

هذه الإدانات والتنديدات الواسعة لم تأت من فراغ، إذ كان القاضي الجيراني من أبرز الشخصيات الفاعلة في المجتمع القطيفي، وكانت له مواقفه الحازمة، في مواجهة السلوكيات الصادرة من بعض الأشخاص ضد الدولة.

وقبل اختطافه، تعرض الجيراني لثلاث جرائم اعتداء سابقة، فقبل أن يتقلد منصبه الرسمي بدائرة الأوقاف والمواريث، جرى إحراق منزله عام 2012 أثناء تواجد أفراد العائلة به، ونجت أسرته بأعجوبة إلا من إصابات واختناقات محدودة الأثر، إضافة لمحاولة فاشلة أخرى لاقتحام منزله، وتدمير سيارته.

وكان للجيراني مواقف مهمة، إذ استنكر الشيخ بشدة وفي أكثر من مناسبه حوادث الاعتداء على رجال الأمن، واعتبرها إرهابا، منافياً للشرائع السماوية ومبادئ الدين الحنيف، كما سبق له التأكيد على رفضه الشديد لاستخدام المنابر في انتقاد الدولة والهجوم عليها، منتقدا أيضا المتاجرين بدماء الشباب، وإقحامهم في الفتن والاعتراض والتظاهر.