يجسد فن النقش النجدي عمق الهوية الثقافية للمملكة، بوصفه أحد أبرز الفنون التراثية المرتبطة بالعمارة التقليدية في منطقة نجد، حيث تُنقش الزخارف النباتية والهندسية على الأبواب الخشبية لتروي قصص الأجداد، وتبعث في النفوس روح الأصالة والإبداع.
ويأتي تخصيص عام 2025 للحرف اليدوية في إطار الجهود الوطنية الرامية لدعم الحرفيين وتطوير مهاراتهم، وتسليط الضوء على الحرف التقليدية التي تعتمد على المهارات اليدوية دون استخدام تقنيات حديثة، في خطوة تعزز من استدامة هذا الموروث الثقافي العريق.وفق “أخبار 24”.
ومن بين أبرز الحرف التي تحظى بالاهتمام: حياكة السدو، البناء بالطين، التطريز اليدوي، صناعة الفخار، منتجات الخوص المصنوعة من سعف النخيل، إضافة إلى النقش النجدي، الذي يُعد أحد أكثر الفنون ارتباطًا بالهوية العمرانية في نجد.
وتجلّى شغف الحرفيين بفن النقش النجدي من خلال أعمالهم التي تمزج بين التراث والابتكار، حيث تحدّث عدد من الفنانين عن تجاربهم في إحياء هذا الفن الأصيل، حيث تحدث الفنان التشكيلي علي الجاسر مبينًا أن بداياته كانت في التركيبات الخشبية، ثم تطورت إلى النحت على الألواح الخشبية من الوجهين، وصولًا إلى الأعمال الخشبية ثلاثية الأبعاد، التي أبدع فيها أعمالًا فنية مستلهمة من التراث، تحاكي الحاضر بروح فنية معاصرة.
وأشار الجاسر إلى أن النقوش والزخارف النجدية تمثّل رسائل تراثية يُقدّمها من خلال أعماله داخل المملكة وخارجها، وتشمل: زخرفة “البيذانة”، و”الزهرة”، و”عنقود العنب”، و”الشمس”ـ كما بيّن أن النقوش تنقسم إلى عدة أنواع بحسب المناطق: النقوش النجدية وسط المملكة، والقط العسيري جنوبًا، والرواشين غربًا، وباب البحر شرقًا، والسدو شمالًا، مضيفاً أن صناعة الباب النجدي تتم بعدة طرق، منها: الحزّ بالسكين، النحت أو الحفر، الحرق، التلوين، ثم الرشم أو التقمير بالنقوش الشعبية.
أما الفنانة التشكيلية نوف السويلم، فأشارت إلى أن النقوش على الأبواب النجدية تُعد من أبرز عناصر العمارة التقليدية في منطقة نجد، وتُجسّد جانبًا مهمًّا من الهوية الثقافية والعمرانية، وأردفت أن الأبواب النجدية تمتاز بتصاميمها البسيطة والدقيقة، التي تتضمن زخارف هندسية ونباتية متكررة، إلى جانب المسامير الحديدية التي تُستخدم عنصرًا زخرفيًا جماليًا، مبينة أن الزخارف تُستخدم على الأبواب والمنتجات النفعية المنتشرة بين أفراد المجتمع، رمزًا تراثيًا نجديًا عريقًا يعكس الهوية الوطنية ويفتخر به الجميع.
وفي السياق ذاته، قالت الفنانة التشكيلية قمراء الحربي إن تخصيص عام 2025 للحرف اليدوية يُعد مبادرة وطنية كريمة، تُجسد حرص القيادة على إحياء التراث وبناء مستقبل الحِرف في المملكة، ونقله إلى العالم بصفته صورة حضارية وثقافية تعزّز مكانة التراث في نفوس الأجيال، مضيفة أن كل منطقة من مناطق المملكة تتميز بحرفها التقليدية، فيما برزت منطقة نجد بعدد من الحرف، من أبرزها: صناعة الأبواب النجدية، التي تحمل عبق الأجداد وروحهم المتجذّرة.
واختتمت الحربي حديثها بالقول: “ليست مجرد أبواب، بل إرثٌ من الخشب والروح، نحتها أجدادنا بأيديهم وأدواتهم البسيطة، فصارت هوية وطنية تروي حكايات المجد والأصالة، وتلهم كل عاشق للجمال”.