أطلقت وزارة الثقافة اليوم فعاليات النسخة الثانية من مبادرة “بلد الفن” في منطقة جدة التاريخية، والتي تستمر حتى 15 يونيو المقبل، مقدمة تجربة فنية متكاملة تستكشف العلاقة بين المكان والذاكرة، وتُعيد تقديم التراث المحلي من خلال أنماط بصرية معاصرة تستحضر القصص اليومية التي شكّلت هُوِيّة المنطقة عبر العصور.
وتحمل نسخة هذا العام شعار “حكايا في ذاكرة المكان”، حيث تسعى المبادرة إلى إبراز الطابع السردي للتجربة الفنية من خلال التقاء الموروث الشفهي بالتعبيرات الإبداعية المعاصرة، في إطار يعكس الذاكرة الجمعية لأهالي جدة ويكرّس حضور الحكاية المحلية كرافد من روافد الهُوِيّة الثقافية.
وتضم الفعاليات مجموعة من المعارض الفنية المتنوعة التي تقام في عدد من المواقع التراثية داخل جدة التاريخية، من أبرزها معرض تذكاري للفنان الراحل هشام بنجابي تحت عنوان “ذاكرة المدينة، والناس، والوطن”، يُقام في “نصيف بوتيك”، ويستعرض أرشيفات صوتية وبصرية ومقتنيات خاصة تُعرض لأول مرة، توثّق مسيرته الفنية وعلاقته الوثيقة بجدة كمدينة وذاكرة. وفق “أخبار 24”.
وفي الموقع نفسه، يُقام معرض تذكاري للفنانة الراحلة صفية بن زقر، يُسلّط الضوء على تاريخ المنطقة من خلال صور وأرشيفات ومقتنيات توثّق الذاكرة الاجتماعية والمعمارية لجدة، وتستعرض مراحل تطورها عبر عدسة فنية وإنسانية.
كما يشهد بيت برغوتة إقامة معرض فوتوغرافي بعنوان “نسيج زمني”، يُركّز على الحرف التقليدية والذاكرة البصرية بوصفها مكونًا ثقافيًا حيويًا، فيما يحتضن بيت فاطمة نوارة معرضًا تجريبيًا للحرف اليدوية والخط العربي يُقدَّم بأساليب تفاعلية معاصرة تتيح للزائر التفاعل مع العناصر التراثية في سياق فني حديث، أما بيت شعيب، فيشهد معرض الإقامة الفنية “سرديات الحِرفة”، الذي يستكشف العلاقة بين الحرفة والهوية المحلية، ويُعيد صياغة الموروث الحِرفي ضمن فضاء إبداعي مفتوح.
وتتميّز المعارض في “بلد الفن” بتصاميمها التي تتيح للزوار استكشاف الأعمال الفنية عبر مسارات متعددة داخل المنطقة التاريخية، مما يمنح كل تجربة طابعًا شخصيًا قائمًا على التفاعل البصري والانغماس في السرد المكاني، حيث تتقاطع المواد الأرشيفية مع الأعمال التركيبية والصور المعاصرة في فضاءات تستجيب لهُوِية المكان، وتستدعي تاريخه بوصفه مصدر إلهام حيًّا ومستمرًا.
وتأتي مبادرة “بلد الفن” ضمن جهود وزارة الثقافة لإعادة إحياء جدة التاريخية كمركز نابض للإنتاج الثقافي، وتحفيز الاقتصاد الإبداعي المحلي من خلال دعم المواهب وتمكينها، إلى جانب توفير منصات عرض مستدامة داخل النطاق التاريخي، بما يسهم في تعزيز التفاعل المجتمعي مع الإرث المعماري والإنساني، وتحقيق مستهدفات رؤية المملكة 2030 في ترسيخ مكانة المملكة على خارطة الثقافة العالمية، وتطوير مشهد ثقافي متجدد داخل مواقعها التراثية.