على امتداد السواحل الجنوبية للبحر الأحمر، تقف أشجار المانجروف في جازان كحراسٍ صامتين للبحر، متوشحة بالخضرة، تشبك بين جذورها وموج البحر حكاية حياة نابضة لا تنقطع. ليست المانجروف مجرد أشجارٍ تأقلمت مع ملوحة الماء، بل هي كنز بيئي ثمين، تمثل رئة خضراء تتنفس بها الطبيعة، ودرعًا واقيًا يحمي السواحل، وموئلًا آمنًا للكائنات البحرية والطيور المهاجرة.
وتؤدي هذه الغابات الساحلية دورًا جوهريًا في حماية شواطئ جازان من التعرية وزحف الأمواج، وتعمل كخط دفاع طبيعي يخفف من أثر العواصف، ويمنح البيئة البحرية توازنها واستقرارها.
ولأنها تتمتع بقدرة استثنائية على امتصاص الكربون، فإنها تُعد من أكثر الأنظمة البيئية فاعلية في مواجهة تغير المناخ. إذ تشير الدراسات إلى أن المانجروف تختزن كميات من الكربون تفوق ما تخزنه الغابات البرية بأضعاف، ما يجعلها جنديًا أخضر في المعركة العالمية ضد الاحترار.
وفي أحضان المانجروف تبدأ دورة حياة جديدة، حيث تفقس بيوض الأسماك والقشريات، وتجد السلاحف الصغيرة مأمنها، وتحط الطيور المهاجرة لترتاح من عناء السفر الطويل، فهذه الغابات ليست غطاءً نباتيًا فحسب، بل هي مأوى ومزرعة طبيعية تدعم الثروة السمكية وتنعش سبل العيش للصيادين المحليين. وفق “أخبار 24”.
وتُعد غابات المانجروف إرثًا بيئيًا ووجهة سياحية يقصدها الزوار لاكتشاف أسرارها عبر جولات القوارب الخشبية، فيما يشكل مشهد الغروب وهو ينساب بين فروع المانجروف لوحة طبيعية تسرّ الناظرين، وتضيف لجازان سحرًا خاصًا يجعلها إحدى أجمل المناطق الساحلية في المملكة.
وتتواصل الجهود الوطنية ضمن مبادرات السعودية الخضراء لإعادة تأهيل هذه الغابات وزراعة المزيد من أشجار المانجروف، لتبقى شاهدة على التوازن بين التنمية والحفاظ على البيئة، ولتظل جازان خضراء بالبحر والبر والإنسان.