يعد قصر السقاف في حي المعابدة شمال شرقي مكة المكرمة معلمًا بارزًا يروي فصولًا من تاريخ مكة المكرمة والدولة السعودية.
وبُني القصر حوالي عام (1880م – 1298هـ)، واستُخدم مقرًا للأنشطة الإدارية والديوانية، كما استقبل كبار الضيوف والوفود الرسمية، وشهد توقيع العديد من الاتفاقيات والقرارات المهمة في بدايات الدولة السعودية الثالثة، وعلى الرغم من انتقال المقرات الرسمية إلى مبانٍ حديثة منذ الثمانينات، إلا أن القصر ظل معلمًا تاريخيًا بارزًا.
وينتمي القصر إلى الطراز المكي التقليدي الذي يجمع بين البساطة والهيبة، وقد استخدم البناؤون الحجر المحلي في الأساسات، والخشب المستورد من الهند وشرق أفريقيا في النوافذ والأبواب والشناشيل، مما يعكس التواصل التجاري والثقافي لمكة مع العالم الإسلامي.
وتتميز فراغاته الداخلية بمراعاة الخصوصية، مع وجود مجالس واسعة للضيوف وأجنحة للسكن، وساحات تسمح بالتهوية الطبيعية، كما تزين جدرانه زخارف جصية وأنماط هندسية تنسجم مع هوية مكة الروحية. وفق “أخبار 24”.
وأوضح رئيس قسم العمارة بجامعة أم القرى، د. عمر أسرة، أن ما يميز القصر هو كونه جزءًا من النسيج العمراني للمدينة، ويعكس في تصميمه قيم الضيافة والخصوصية والبساطة الممتزجة بالجمال.
وقد قامت جامعة أم القرى بجهود فاعلة لتوثيق القصر معماريًا وعمرانيًا، عبر أبحاث ميدانية شملت رفعًا معماريًا تفصيليًا ورصدًا لعناصره الإنشائية والزخرفية، بهدف حفظ الذاكرة البصرية للقصر.
وفي إطار الحفاظ على قيمته التاريخية، أطلقت الهيئة الملكية لمدينة مكة المكرمة والمشاعر المقدسة، عدة برامج لترميمه وإعادة تأهيله، ليظل حيًا في وجدان أهل مكة وزوارها، ومنصة تحتضن الفعاليات التي تذكر الأجيال بثراء مكة المعماري والثقافي.