أعلنت مؤسسة بينالي الدرعية عن عرض التصميم الفائز بالدورة الافتتاحية من جائزة المصلى في بينالي بخارى، في خطوة تستكشف الصلة التاريخية العميقة بين المجتمعات الإسلامية في منطقتين مختلفتين، وتسلّط الضوء عليها من منظور معاصر جديد. يأتي عرض المصلى في بينالي بخارى؛ انطلاقاً من التزام المؤسسة بعملية التنمية الثقافية في جمهورية أوزبكستان، وبدعم كبير من شركتين سعوديتين رائدتين هما أكوا باور ورؤية للاستثمار.
وقد تم تدشين الدورة الافتتاحية من جائزة المصلى خلال بينالي الفنون الإسلامية 2025، وفاز فيها تحالف مكون من استوديو إيست للهندسة المعمارية، وشركة الهندسة الدولية AKT II، والفنان ريان تابت. وتم تشييد التصميم الفائز بشكل رئيسي من بقايا النخيل بعد إعادة توظيفها كمواد بناء، وهي من المواد المستخدمة في المباني التراثية في المملكة العربية السعودية. فكرة التصميم مستوحاة من تقاليد حياكة النسيج، والتي تجمع بين الفنون الحرفية والقيم الإيمانية، لتوفير مساحة مرنة للصلاة والتأمل تجمع بين التقارب والتآلف، وهما من أهم القيم التي ترسخها الصلاة في الإسلام. ويتكون المصلى من فناء رئيسي مفتوح متعدد الاستخدامات، ومساحات رئيسية أخرى مخصصة للصلاة ضمن هيكل رئيسي يشبه النول. وفق “أخبار 24”.
وفي بخارى، ستحتضن المصلى بيئةٌ جديدة وثيقة الصلة ببيئته الأصلية في جدة، حيث يجمعهما تاريخ عريق من الانفتاح على الأفكار والثقافات القريبة والبعيدة. فقد جعل موقع جدة على البحر الأحمر من هذه المدينة الساحلية نقطة عبور للحجاج في طريقهم للمدينتين المقدستين مكة المكرمة والمدينة المنورة لأداء مناسك الحج والعمرة، ووجهةً للمسلمين من مختلف أنحاء العالم، ما أسهم في تشكيل وجهها الثقافي الفريد والمنفتح.
من جهة أخرى، شكلت بخارى مركزاً للتعلّم واكتساب الخبرات على طول طريق الحرير، حيث كانت حاضنة للمعارف الدينية، والعلوم، والفنون، والعمارة، والتجارة لآلاف السنين. واليوم، تأتي رحلة المصلى بين هاتين المدينتين لتكون مؤشراً على تجدّد العلاقات العميقة التي تربط بين الثقافات الإسلامية على تنوعها، وتوظيفاً لمعرضين فنيين عالميين (بينالي الفنون الإسلامية في جدة وبينالي بخارى) من أجل طرح رؤية عالمية جديدة تنطلق من غرب ووسط آسيا، الأمر الذي يعكس طموح جائزة المصلى المتمثل بتعزيز الصلة بين تراث العمارة الإسلامية، والتصميم المعاصر، والاستدامة. فمن خلال تواجده في بخارى، يجسّد المصلى تقليداً حياً متعدد الأوجه، أثّرت في تركيبته عناصر مختلفة؛ شأنه في ذلك شأن المجتمعات الإسلامية حول العالم.
وبهذه المناسبة قال الأمير نواف بن عياف، رئيس لجنة تحكيم جائزة المصلى: “يسعدني أن أرى التصميم الفائز في الدورة الافتتاحية من جائزة المصلى يصل إلى بخارى. لقد اشترطت الجائزة تصميم مصلى يشكّل مساحة نموذجية متعددة الاستخدامات وقابلة للتفكيك وإعادة التركيب، تستقبل الجميع على حد سواء، وما هذه الخطوة التي يأخذها المصلى اليوم بدخول سياق جديد تماماً إلا انعكاس لهذه المرتكزات. لقد كان لحركات الهجرة والانفتاح أثر كبير في تشكيل الثقافات الإسلامية على مر العصور، وهذا أمر يتجلى بوضوح في التراث المعماري للمجتمعات الإسلامية. ويستند النموذج المعماري الذي يتبناه تصميم المصلى على هذه
الطبيعة العابرة التي تميزت بها مساحات الصلاة المؤقتة في المجتمعات الإسلامية. وأنا سعيد جداً لرؤية هذا المشروع الذي طوره التحالف المكون من استوديو إيست للهندسة المعمارية، وشركة الهندسة الدولية AKT II، والفنان ريان تابت وهو يجسّد فصلاً جديداً من تقليد معماري حي.”
من جهتها، عبّرت الأستاذة آية البكري، الرئيس التنفيذي لمؤسسة بينالي الدرعية، عن فخرها باستمرار مسيرة جائزة المصلى ووصولها لبينالي بخارى. وأضافت: “يؤسس عرض المصلى في بينالي بخارى لحلقات وصل جديدة عابرة للثقافات، ومستمدة من تاريخ عريق وحافل بمحطاتٍ من اللقاءات الاستثنائية والتأثيرات المشتركة بين المملكة العربية السعودية وجمهورية أوزبكستان. لقد تحققت هذه الصلة بفضل التعاون الوثيق بين مؤسسة بينالي الدرعية ومؤسسة تنمية الفن والثقافة في أوزبكستان، اللتين يجمعهما هدف مشترك يتمثل في دعم الإبداع المعاصر والحفاظ على عراقة التراث والتاريخ. يسعدني جداً أن نتشارك في هذه الغاية النبيلة.”
وصرّح السيد محمد عبدالله أبونيان، مؤسس ورئيس مجلس إدارة شركة أكوا باور، قائلًا: “لطالما اعتبرت أكوا باور نفسها أكثر من مجرد شركة طاقة؛ فهي شريك في بناء مستقبل مشترك يقوم على الإبداع والابتكار يسعدنا بالتعاون مع مؤسسة بينالي الدرعية المشاركة في مبادرة بينالي بخارى؛ وهي إحدى أكبر المبادرات الفنية وأكثرها تنوعًا في آسيا الوسطى. إنّ دعمنا لهذا الحدث يجسد إيماننا العميق بأن أثرنا يمتد إلى ما هو أبعد من الطاقة ليشمل الإبداع، التراث، والثقافة. وانطلاقًا من التزامنا القوي بتنمية جمهورية أوزبكستان، حققنا تقدمًا ملحوظًا من خلال تقديم مبادرات تدريبية عالمية المستوى للشابات والشباب الأوزبكي من خلال كلية شيرين التي تدعمها شركة أكوا باور، والتي أصبحت اليوم جزءًا من البنية التحتية الأساسية للمجتمع الأوزبكي.” وأضاف أن جمهورية أوزبكستان تُعد أكبر دولة في المحفظة الاستثمارية لشركة أكوا باور خارج المملكة العربية السعودية، حيث نعتز بدورنا المحوري في تعزيز جهود الحكومة الأوزبكية لكي تكون ضمن إحدى الدول التي تتصدر مشهد التحول الطاقي عالميًا؛ انطلاقاً من أواصر التعاون القوية بين المملكة العربية السعودية وجمهورية أوزبكستان وفي ظل القيادتين الحكيمتين في البلدين.”
كما عبّر الرئيس التنفيذي لشركة رؤية للاستثمار السيد عمر محمد نبيل الميداني عن فخره بدعم الشركة لهذا التعاون المهم بين مؤسسة بينالي الدرعية وبينالي بخارى، والذي سيتم من خلاله عرض التصميم الفائز بجائزة المصلى، مضيفاً أن هذه المبادرات هي شهادة على الروابط الثقافية الوثيقة بين المملكة العربية السعودية وجمهورية أوزبكستان.
تحمل الدورة الافتتاحية من بينالي بخارى عنوان “وصفات للقلوب المكسورة”، وتشرف عليها المديرة الفنية ديانا كامبل بالتعاون مع وائل العوار بصفته المدير الإبداعي للعمارة، وتقام بتكليف من مؤسسة تنمية الفن والثقافة في أوزبكستان. وتتجسّد الرؤية الفنية وعنوان الدورة الأولى للبينالي على شكل وليمة موسّعة تسعى لاستكشاف القدرة الشفائية للفن والثقافة عن طريق المشاركة الجماعية، في سياق ينظر إلى الزمن باعتباره عنصراً أساسياً في الفن والطبخ والاستشفاء. ويعدّ تنظيم بينالي بخارى جزءاً من عملية طويلة الأمد تهدف لإعادة إحياء بعض المواقع الاستثنائية التي لعبت دوراً جوهرياً في تطوير ثقافة بخارى اليوم. وهو يعدّ الحدث الأول الذي يقام في حي تاريخي في المدينة جرى تجديده ضمن مشروع كبير يهدف لحفظ وإحياء أجزاءٍ تاريخية من المدينة، تحت إشراف المعماري وائل العوار من استوديو التصميم waiwai، وبمشاركة استوديو فوغت لتصميم المساحات الخارجية. تستمر الدورة الافتتاحية لبينالي بخارى من 5 سبتمبر حتى 20 نوفمبر 2025.