يحظى فن القط العسيري باهتمام كبير، إذ أولت المؤسسات الثقافية والفنية داخل المملكة وخارجها عناية خاصة بهذا الفن العريق، كما نال اهتمامًا واسعًا من الكُتاب والباحثين، لما يُمثله من جزء أصيل من الموروث الثقافي السعودي.
ويُعد فن القط العسيري من أبهى الفنون التشكيلية التقليدية التي تزين واجهات المنازل في منطقة عسير، ويتميّز بزخارفه الهندسية الزاهية التي تعكس عمق التاريخ المحلي وثراء التراث العسيري. وقد حظي هذا الفن باهتمام عالمي، حيث أدرجته منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة (اليونسكو) ضمن قائمة التراث الثقافي غير المادي للبشرية، تقديرًا لقيمته الفنية ودوره في التعبير عن الهوية الثقافية للمجتمع السعودي. وفق “أخبار 24”.
وينبع تميز هذا الفن من استخدام أشكال هندسية متكررة كالمثلثات والمربعات والدوائر، تُرسم بألوان زاهية مثل الأحمر والأصفر والأزرق والأسود، لتكوّن لوحات فنية تزدان بها الجدران والأبواب والنوافذ، وتحمل في طياتها دلالات ثقافية ورموزًا تعكس حياة الناس وقيمهم في بيئة جبلية غنية بالتقاليد.
وكانت النساء العسيريات صاحبات الريادة في إبداع هذا الفن والحفاظ عليه عبر الأجيال، ليصبح علامة بارزة في هوية المنطقة. فهو ليس مجرد زخرفة، بل تعبير حي عن الترابط الاجتماعي والمناسبات اليومية، حيث تتنوع الأنماط والألوان بحسب المشاعر والأحداث، ما يجعل لكل بيت قصة فريدة تعكس أسلوب الحياة وتقاليد الأجداد.
وفي السنوات الأخيرة، شهد فن القط العسيري نهضة حقيقية بفضل الدعم الثقافي والمؤسسي، إذ حرصت الجهات المختصة على توثيقه وحمايته من خلال المتاحف والمهرجانات والفعاليات التراثية، كما أُدمج في الحرف اليدوية والتصميمات المعاصرة، ما أسهم في انتشاره محليًا وعالميًا، وأكسبه مكانة فنية مرموقة.
ويُعد اليوم فن القط العسيري رمزًا ثقافيًا يروي قصة عسير وتاريخها العريق، ويستقطب اهتمام الفنانين والباحثين داخل المملكة وخارجها، باعتباره إرثًا نابضًا بالحياة يُلهم الأجيال الجديدة ويعزز من مكانة المملكة كمهد للفنون التراثية الأصيلة.
ومؤخرًا، أعلن المعهد الملكي للفنون التقليدية “ورث”، بالتعاون مع شركة السودة للتطوير، فتح باب التسجيل في برنامج تدريبي متخصص بفن القط العسيري، وذلك خلال الفترة من 27 إلى 31 يوليو 2025، في منطقة عسير، ضمن الجهود المشتركة لتعزيز الثقافة والتراث في مشروع السودة السياحي.
ويأتي البرنامج ضمن مبادرات المعهد في مجال التعليم المستمر، لتعريف المشاركين بتاريخ فن القط العسيري، ومقوماته الجمالية، وأساليبه في زخرفة جدران المنازل بأنماط مستلهمة من البيئة الطبيعية، إلى جانب تدريب عملي على صناعة الألوان الطبيعية وتقنيات هذا الفن التقليدي.
وتُجسد هذه المبادرة سعي المعهد إلى تنمية الحرف اليدوية كأحد المحاور الإستراتيجية، من خلال تمكين المواهب الوطنية في الفنون التقليدية، وتحفيز ريادة الأعمال في هذا المجال، تعزيزًا لمكانة هذه الفنون ودورها في إثراء الهوية الثقافية للمجتمع.