بقلم: ✍️ معبر النهاري
في قلب محافظة الخرج، وعلى إيقاع الهدوء العابق بعبير النخيل ونفَس التراث، اختارت الكاتبة والأديبة سارة بنت عبدالله الخزيم أن تُشعل شمعة في فضاء الثقافة، لا لترف فكري، بل لحاجة أصيلة إلى الحضور، الحوار، وتمكين الكلمة في بيئة لا تزال تتعطّش لمثل هذه المبادرات النوعية.
صالون سارة الثقافي، الذي انطلق عام 1434هـ، ليس مجرد صالون نسائي يُعقد مرة كل شهر؛ بل هو مشتلٌ للمعرفة، ومنصة للحوار، ومرفأ للأرواح الباحثة عن أثر وبصمة. من منزلها، فتحت سارة الخزيم أبواب الصالون أمام المبدعات والمهتمات، ليكنّ شريكات حقيقية في المشهد الثقافي المحلي، وليصنعن عبر الفن والأدب والمبادراتِ المجتمعية حالة ثقافية متفردة.
صالون لا يعرف الصمت
تحتفي هذه المنصة بالتعبير على اختلاف ألوانه: من الشعر إلى الرسم، من القصة إلى الخط، من النقد إلى التراث.
وقد أبدع الصالون في تحويل الجلسات الأدبية إلى لقاءات إنسانية دافئة، تُصغي فيها القلوب قبل الآذان، وتُمنح فيها المساحات للمواهب الشابة لتجهر بأصواتها وتطلق أحلامها.
ولأن الثقافة لا تُختزل في الجماليات، فقد تبنّى الصالون أيضًا رؤية معرفية ومجتمعية أوسع: عقد الشراكات مع إدارة التعليم، دعم المبادرات الفنية، تنظيم الورش، إصدار الكتب، وتكريم رموز محافظة الخرج من أدباء ومفكرين.
تكريم رسمي مستحق
في نوفمبر 2023، تلقّى الصالون تكريمًا رسميًا من وزارة الثقافة ضمن برنامج “بيهايف”، في ندوة حملت عنوان “الصوالين الثقافية النسائية في السعودية: صالون سارة الخزيم أنموذجًا”.
كان ذلك شهادة وطنية على أن ما بُني بعزيمة امرأة واحدة، صار اليوم مؤسسة ثقافية مجتمعية يُشار إليها بالبنان، وتُروى كتجربة رائدة على مستوى المملكة.
رئة نسائية تتنفس بالحبر
يتميّز صالون سارة الثقافي برؤية تؤمن أن المرأة ليست فقط متلقّية للفكر، بل صانعة له.
هو فضاءٌ حُرّ، يحرر المواهب من صمتها، ويعيد للحديث قيمته، وللكتابة رسالتها. وقد صدرت عن مؤسسته كتبٌ نوعية، منها:
• “أفياء المشتل” (مترجم للصينية)
• “محافظة الخرج: التاريخ والجغرافيا”
• وكتابها المرجعي الأهم: “الصالونات الثقافية النسائية في الخليج”، الذي وثّق تجارب نسائية أصيلة وأسّس لمكتبة فكرية توثيقية رائدة في المجال.
خاتمة… حيث يكون للحرف ضوء
إن صالون سارة الثقافي في الخرج هو أكثر من مجرد تجمع أدبي؛ إنه فعلُ حياة، ورغبة في التغيير، وصوتٌ نسائي راسخ في وجه الغياب والتهميش.
صالون لا يبحث عن وهج الضوء، بل يكتفي بنور داخلي ينمو في عيون المبدعات، ويزهر في دفاتر الطموح.
من الخرج… حيث يُقال إن المدن الهادئة لا تصنع أثرًا، نبتت هذه الفكرة كغيمة،
وها هي تمطر على خارطة الثقافة السعودية… دون ضجيج، ولكن بكثير من الجمال