قال وزير الاقتصاد والتخطيط فيصل الإبراهيم، إن الدول لا تنجح بسبب الرؤى فقط ولكن بفضل القرارات على المدى البعيد، وأذكى القرارات التي تتخذها الدول في أي عصر وتحت أي ظروف هي الاستثمار في شعوبها، وهذه ليست إعلان رؤية ولكنها استراتيجية اقتصادية مدعومة بأدلة قوية، كما جرى إثبات ذلك مرارا وتكرارا عبر القارات والأزمنة بأن رأس المال البشري هو من يقود الثروات والإنتاج، فالناس من يصنعون القيمة، والمواهب تقود الابتكار.
وأضاف في جلسة حوارية بمؤتمر مبادرة القدرات البشرية، أنه عندما نتحدث عن الاستثمار فغالبا ما نفكر في المعارف والشهادات والمهارات التقنية ولكن نتجاهل شيء يعد الأهم وهو القيادة الهادئة في القرارات والقدرة على أن تجعل نفسك تقود الآخرين، فالقيادة هي التي تميز بين الدول، وإذا أردنا نموذجا فإن ولي العهد رئيس مجلس الوزراء الأمير محمد بن سلمان لا يقود الإصلاحات فقط ولكنه يعيد تعريف القيادة في هذا العصر بالطاقة والجرأة والتركيز فهو لا يدير الوضع الحالي ولكن يتحرك برؤية وعجالة وهذا ما تطلبه اللحظة وما يجب أن نضاعفه. وفق “أخبار 24”.
وتابع وزير الاقتصاد والتخطيط أنه غالبا ما يتم التعامل مع مشكلة القدرات البشرية كأمر ثانوي بعد التعامل مع الاقتصاد، وهو تفكير قد عفا عليه الزمن، فالعالم يتغير ولا ينتظر حتى نلتحق به، وإذا لم نستطع تطوير القدرات البشرية وإكسابهم المهارات الجديدة لن نستطيع التنافس والاستمرار.
وأشار إلى أن النظام التعليمي المبني على الروتين لم يعد يفي بالغرض، فكل وظيفة الآن هي وظيفة رقمية فالأمر لا يتعلق بتدريب المبرمجين ولابد أن نضمن أن كل عامل في كل قطاع يستخدم الأدوات الرقمية، فالإلمام الرقمي مهم الآن كالحساب والقراءة، والدول التي تتأخر في ذلك تضع نفسها في الخطر، والثروة البشرية إما أن تكون أصولا أو عبئا، إذ تتحول إلى أرباحا إذا استثمرنا بها.
وقال إن أصحاب العمل حاليا أصبحوا لا يقومون بالتوظيف بناء على الشهادات ولكن وفق القدرات والجاهزية والقدرة على الإسهام من اليوم الأول والتأقلم من اليوم الثاني وهذا يتطلب نظاما تعليمية يتطور بسرعة، والنظم العالمية اليوم تقود إلى هجرة المواهب فالأمر لا يتعلق بالتعريفات الجمركية والضرائب ولكن بأن يشعر الناس بالارتياح والتقدير والقدرة على النمو، حيث يريدون منازلا وأماكن يزدهرون بها.
وتابع أن هذه فرصة للمملكة لبناء بيئة جاذبة بمسارات واضحة ومجتمعات شمولية وبتفكير واضح لا نحافظ فقط وننمي المواهب محليا ولكن نجذب المواهب عالميا بمساحة تنافسية تنمي المواهب، ويكون ذلك عبر إصلاحات هيكلية على المدى البعيد
ودعا إلى ضرورة إعادة مواءمة التعليم جذريا مع الاقتصاد فالمناهج يجب أن تشكل عن طريق البيانات الفعلية للسوق، ولابد من إعطاء الطلاب تجارب عملية وبرامج تمهير، كما يجب تنمية التعليم التقني والفني بحيث لا يعامل هؤلاء كخيارات بديلة ولكنهم عناصر مهمة للأيدي العاملة الحديثة، أيضا يجب الاستمرار في تدريب وتعليم من يدخلون سوق العمل، ويجب مأسسة التعلم بين القطاعين العام والخاص وجلوس الجميع على الطاولة وتحفيز المشاركة والمسؤولية وإنتاج الميزة التنافسية وليس المهارات المطلوبة فقط.
وشدد وزير الاقتصاد والتخطيط على أن أهم أصل للمملكة هو شعبها وهو أهم مصدر للطاقة واليوم نواصل الاستثمار ونواصل الإيمان بشعبنا وقدرته على أن يصبح جاهز لما بعد عصر الجاهزية للمستقبل.